حسان دياب، الفرصة الضائعة.
DATE: 07.03.2021
✍ بقلم علي خيرالله شريف
 
حتى لو أضاء دولة الرئيس حسان دياب لهم أصابِعَهُ العشرة، وحتى لو كان مدعوماً من عمر بن الخطاب وعلي بن ابي طالب أو ربما من السيد المسيح وباقي أنبياء الله عليهم السلام والرضوان، لن ترضى عنه قطعان التابعين ولا قطاع الطرق ولا أبواق الفتنة والبروباغندا ولا مُنتَحِلُو صفة المجتمع الأهلي، ليسَ لأن غيره أفضلَ منه ويحمل ذرة مما يحملُهُ دياب من كفاءة ورصانة ونزاهة ومنهجية راقية وفَعَّالة في العملِ والأداء، بل لأن الكثيرين منهم قد شربوا نَقيعَ طلاسِم التَعَصُّبِ والحقدِ والغباء، فلم يعودوا يميزوا بين الصالِح والطالِح أو بين الفاسد والشاطر، ولم يعودوا يروا حتى مصلحتهم الخاصة، فصارت عقولُـهُم مُعَلَّقَة ببنطالِ زعيمهم وبربطة عنقه وتسريحةِ شعرِه ورشاقةِ قدِّه، وبلغة التحريض التي يُطلِقُها فتدغدغ عصبياتِهم التي زرعها في نفوسهم وجماجمهم، لا قيمة عندهم لما تحتويه الأربعة داخل صَندوقَةِ رأسِه. 
لقد بلغت بهم الصفاقة أن يطلقوا تُرَّهاتِهم لانتقاد كلمة الرئيس دياب الأخيرة التي توجه بها بالنداء إلى المعنيين بضرورة التعجيل بتشكيل الحكومة قبل انفجار البلد. وبَلَغَ بهم إفلاسُهُم وسخافتُهم حداً أنَّهم يخترِعُون وُجودَ اتفاقٍ تحتَ الطاولة بين الرئيسين الحريري ودياب ضد الرئيس عون؛ فلشدةِ ضغائِنِهِم واسوِدادِ جهالتهم وضحالةِ تفكيرِهِم، غاب عن أذهانِهِم أن الرئيس دياب هو أبعد الناس عن المحاور الداخلية وعن الأحلاف المذهبية، فلم يستوعبوا بعد أن الرئيس دياب لا يرضى أن يكون تابعاً لا لحريرية سياسية ولا لسنية سياسية ولا لاي شكل من اشكالِ التبعية المذهبية والطائفية والإقطاعية. هم لم يستوعبوا بعد أن هذا الإنسان لا يقبل التقوقع الطائفي والمذهبي، وهو وَهَبَ نفسه للوطن وللمواطنين رغم الـخُذلان الذي تعرض له من الكثيرين منهم. لم يستوعب بعد الشعب اللبناني أن الرئيس دياب يتحمل كل المشاق لكي لا يترك البلد في الفوضى، حتى وسط عواصفهم الهوجاء العمياء الطخياء الصاخبة بالنفاق والكذب والخداع وسوء التصرُّف. 
ليس الرئيس دياب من هواة الـمُطَوَّلات الخطابية ولا الثراثرات الإعلامية، لأنه معتادٌ على العمل وليس على الكلام والاستعراض. في دقائق معدودة شَخَّصَ الداءَ وأشار إلى السبيل والوسيلة التي تساعد على اجتراح الدواء رحمةً بالناس، بينما غيرُه ما زال منذ سبعةِ أشهر يَعَجِنُ ولا يخبز، ويسافر ويجترُّ نفسَ الكلام دون أي جديد ودون أي تفضيلٍ لمصلحة البلد على مصالح بعض الدول الإقليمية والدولية ذات الأجندات الخاصة بها.
هؤلاء منتهكو الدستور أباً عن جد، يريدون من رجل الدولة الرئيس دياب أن يرتكب خطاياهم وينتهك الدستور مثلهم لكي يضموه إلى ناديهم. هم يريدون منه أن يُفَعِّلَ حكومة تصريف الأعمال بخلاف الدستور، ويرفضون أن يُصدروا قانوناً يشرِّع لها ذلك التفعيل، وهذا يُبَيِّن أمرين: الأمر الأول أنهم مُعتادون على انتهاك الدستور، والأمر الثاني أن وراء الأكَمَة ما وراءَها؛ نعم، يريدونه أن ينتهك الدستور لكي يضموه إلى ناديهم، ظناً منهم أنه نَسِيَ أفعالَهُم الـمُشينة بحق حكومته التي أسقطوها لكي لا تنقذ لبنان من براثن فسادِهِم.
*لقد أضحى من نافل القول تكرار أن خلاص لبنان لن يكون على شاكلة ما يخططون له من تجديد الإستدانة عبر سيدر أو غيرها، ولن يكون عبر استجداء الرضا من تلك الدولة أو تلك الإمارة أو المشيخة. إن خلاص لبنان هو بكل صراحة في تطبيق الخطة الاقتصادية التي وضعتها حكومة الرئيس حسان دياب، والتي تتضمن الإصلاح المالي والتدقيق الجنائي ومكافحة الفساد وتأسيس الاقتصاد الـمُنتِج واستخراج النفط وتنويع العلاقات الاقتصادية والإنمائية، والتركيز على الـ BOT في الإعمار عبر التوجه شرقاً وغرباً ضمن مصلحة لبنان العليا وليس ضمن مصالح الجهات الإقليمية والدولية وشروط البنك وصندوق النقد الدوليين مَعروفَي الانتماء والإدارة والأهداف.*
متى سيدرك الشعب اللبناني أنه قد أضاع على نفسه وعلى بلده فرصةً قد لا تتكرر في المستقبل القريب وقد تؤدي إلى الانهيار الكامل، ألا وهي فرصة وجود رئيس مثل الدكتور حسان دياب على رأس حكومته؟ 
لكي لا نقع فريسة اللطم والوقوف على الأطلال، فليعلم الجميع أنهم إن أرادوا إنقاذ لبنان فما عليهم إلا استصدار قانون بأسرع وقت ممكن يتيح للرئيس دياب التراجع عن استقالته واسترجاع كامل صلاحياته ليُمسِك بزمام الدولة من جديد، ويعود إلى متابعة خطته الاقتصادية والإصلاحية التي أقرها، وإلى تطبيق كل ما كان قد أقره من مشاريع إنمائية، وتفعيل استخراج النفط بوتيرة سريعة وحاسمة.
بيروت في 7 آذار 2021
Programmed By Alaa Moubayed(03/082841)